فخ الايدلوجيا..  بايدن في أزمة

مقال - ميدار.نت 23 أكتوبر 2022
Cover

 

ينتج العالم حوالي 99 مليون برميل من النفط يومياً، تمثل أوبك+ ما يقارب 42٪؜ منه بـ41.8 مليون برميل يومياً، ورغم الهجوم الكبير على قرارات التحالف من الحكومات الغربية وإعلامها، إلا أن أوبك+ أثبتت أنها صانع سوق موثوق ويراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، ويستهدف استقرار الأسواق، وأن النفط حقاً كغيره من السلع المهمة في العالم ترتفع أسعاره وتهبط حسب المؤثرات الاقتصادية، وليس مؤامرة للتأثير على رأي الناخب في مدينة ديترويت مثلاً!
واليوم تعيش الإدارة الأمريكية أزمة كبيرة جداً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي للناخب الأمريكي، المقبل على انتخابات نصفية قد تكون دموية بالنسبة للحزب الديموقراطي الحاكم، حيث وصلت شعبية الرئيس الأمريكي جو بايدن لمستويات متدنية تاريخياً، بنسبة تأييد تقل عن 38٪؜، وسخط اجتماعي جعل معظم الولايات المتأرجحة تميل للتصويت لممثل جمهوري قطعاً، مما سيجعل السنتين الأخيرتين للرئيس تبدو وكأنها كابوس، حيث يتوعد الجمهورين بمحاسبة أكثر من فرد وجهة، وتعطيل معظم مشاريع الرئيس، حال سيطرتهم المتوقعة على المجلسين.
و في محاولة لتقليل هذه الخسارة، وبالإضافة إلى تصدير الفشل للخارج، بلوم حرب بوتين، والمملكة العربية السعودية، وتحميل أوبك+ ارتفاع الأسعار وأزمة التضخم، أمر الرئيس الأمريكي وبشكل متهور بالافراج عن 180 مليون برميل نفط خلال ستة أشهر، ومن ثم أتبعه بقرارات عاجلة أخرى، كان آخرها أمره بالافراج عن 15 مليون برميل، في محاولة لتهدئة الأسعار، وتصوير أنه يقوم ما بوسعه لذلك، إلا أن السخرية أن هذا الإفراج الأخير لن يكفي الداخل الأمريكي إلا عدة أيام، ولم تتجاوب الأسواق معه، بل ارتفع سعر برميل النفط 3 دولار إضافية مباشرة بعد إعلانه، وبدأ يُنذر بكارثة استراتيجية لواشنطن التي أوصلت الاحتياطي النفطي الاستراتيجي إلى أدنى مستوى له تاريخياً، وأخذ الإعلام يتداول المفارقة عندما أراد الرئيس ترمب ملء الاحتياطي بسعر 24 دولاراً، فثارت ثائرة الديموقراطيين، الذين يهللون اليوم ويباركون قرار بايدن إعادة ملئه بسعر 70 دولاراً للبرميل، مصرحاً أنه لم يقف أبداً ضد صناعة النفط في بلاده، وهو الذي قرر في أول يوم لرئاسته إيقاف خط أنابيب كيستون بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية.
حارب اليسار المتطرف المسيطر على الحزب الديموقراطي لتطبيق أفكاره بأسرع وقت ممكن، متجاهلين التاريخ والاقتصاد والسياسة والجغرافيا، فعندما تحكمك الآيدلوجيا، وتتطرف في معتقداتك، فحتماً ستقع بالكثير من الأخطاء، ولمعالجتها، يجب تقديم المصلحة الوطنية على مصلحة الحزب، وترميم علاقاتك بالحلفاء التاريخيين، والاقتناع أن الزعامة المطلقة لا يمكن أن تدوم للأبد، وأن العالم يستطيع العيش بالتعددية القطبية.
 
 جهاد العبيد - محلل سياسي واقتصادي - السعودية